إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
130034 مشاهدة
عالم الملائكة من عجائب الغيب

...............................................................................


وهكذا أيضًا ما أخبر الله تعالى عن الملائكة، وأنهم لا يعلم عددهم إلا الله كما قال تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة عدد الملائكة، وأن البيت المعمور الذي في السماء السابعة- البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة ثم لا يعودون إليه. دليل على كثرتهم أي لا يحصي عددهم إلا الله منذ خلقوا أو منذ خلقت الدنيا كل يوم يدخله سبعون ألفًا، ثم في اليوم الثاني يدخله غيرهم وهكذا. لا شك أن هذا دليل على كثرة عددهم خلقهم الله تعالى ولم يجعلهم كالبشر بأجساد تشاهد وتحس، وإنما جعلهم محجوبين عن أعين البشر، وجعل لهم أيضًا خفة يقدرون بها على سرعة الحركة، وجعلهم أيضًا في أعمال أمرهم الله تعالى بها. فمنهم ملائكة يدبرون القطر الذي هو المطر حتى روي أنه ما من قطرة من المطر تنزل إلا ومعها ملك يدبرها إلى أن تقع في المكان الذي أمر به أو قدر وقوعها فيه، والملائكة الذين يسوقون السحب يصرِّفونها كما يشاء، وهكذا الحفظة الذين قال الله: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ونحن لا نراهم.
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يكتبون الحسنات والسيئات، أخبر الله تعالى أنهم يكتبون كل شيء في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ عن اليمين يكتب الحسنات، وعن الشمال يكتب السيئات: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ .
لا شك أن هذا دليل على وجود هؤلاء الملائكة، وإن كنا لا نحس بهم، وكذلك أيضًا ما أخبرنا به من عظمة بعض الملائكة كحملة العرش الذين ذكرهم الله في قوله: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ .
هؤلاء وصفوا في بعض الأحاديث بعظم خلقهم، وأن خلقهم عظيم. منهم ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: أذن لي أن أحدث عن ملك ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة سنة هذا ملك من حملة العرش كما في بعض الروايات. لا شك أن هذا مما يؤمن العباد به.
هكذا أيضًا سمى الله تعالى من الملائكة جبريل وميكال في قوله تعالى: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ قرأه بعضهم جبرائيل وميكائيل ويقولون: إنه عبد الله؛ إن كل اسم فيه إيل فهو عبد الله، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل ملك الوحي الذي ينزل بالوحي على الملائكة. وأن ميكائيل موكل بالقطر. وأن إسرافيل موكل بنفخ الروح، وأنه مع ذلك من حملة العرش وبالنفخ في الصور. وأن هناك ملك الموت الذي قال الله: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخوف الملائكة الشديد من الله تعالى في قوله: إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة، أو قال: رعدة شديدة خوفًا من الله تعالى، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدًا .